عصر البليستوسيني

يُطلق على عصر البليستوسيني (بالإنجليزية: Pleistocene Epoch) اسم العصر الحديث الأقرب؛ نظرًا إلى قصر مدته التي بدأت قبل نحو 2.6 مليون عام وانتهت قبل 11700 عام، وهو يعد أحد أهم العصرين اللذين يشكلان العصر الرباعي لتاريخ الأرض (بالإنجليزية: Quaternary Period)، بالإضافة إلى أنه العصر الذي حدثت خلاله سلسلة من الدورات المناخية الجليدية وبين الجليدية، ومن الجدير بالذكر أنه قد سبق فترة البليستوسيني فترة البليوسين (بالإنجليزية: Pliocene Epoch) من العصر النيوجيني (بالإنجليزية: Neogene Period) وتلته فترة الهولوسين (بالإنجليزية: Holocene Epoch).[١]


تسمية عصر البليستوسيني

جاء اسم العصر البليستوسيني من أصل يوناني، فهو مزيج من كلمتين يونانيتين: (Pleistos) وتعني معظم، و(Kainos) وتعني جديد أو حديث، وتم استخدامه لأول مرة في عام 1839 من قبل السير تشارلز لايل (بالإنجليزية: Charles Lyell)، وهو جيولوجي ومحامي بريطاني.[٢]


تقسيمات عصر البليستوسيني

تنقسم فترة البليستوسيني إلى أربع مراحل بناءً على وحدات الصخور المقابلة لها:[١]

  • مرحلة الجلاسي: بدأت مرحلة الجلاسي (بالإنجليزية: Gelasian Age) قبل 2.6 مليون عام واستمرت إلى ما قبل 1.8 مليون عام، وهي بداية فترة البليستوسيني والتي تُعدّ بداية الفترة الرباعية للأرض أيضًا.
  • مرحلة الكالابريا: بدأت مرحلة الكالابريا (بالإنجليزية: Calabrian Age) قبل 1.8 مليون عام، وانتهت قبل 780 ألف عام، وقد كانت تُعرف سابقًا باسم العصر الجليدي المبكر.
  • المرحلة الأيونية: بدأت المرحلة الأيونية (بالإنجليزية: Ionian Age) قبل 780 ألف عام وانتهت قبل 126 ألف عام، كما يمتد العصر الأيوني المعروف أيضًا باسم العصر الجليدي الأوسط إلى نهاية العصر الجليدي التالي منذ حوالي 130 ألف عام.
  • مرحلة التارانتيان: بدأت مرحلة التارنتيان (بالإنجليزية: Tarantian Age) قبل 126 ألف عام وانتهت قبل 11700 عام، ويشمل التارانتيان المعروف أيضًا باسم فترة البليستوسيني المتأخر آخر دورة بين جليدية، والتي انتهت عند حدود الهولوسين منذ حوالي 11700 عام.



تُعدّ المرحلتان الجلاسيان والكالابريا مرحلتان رسميتان ومعتمدتان، أما باقي المراحل فهي تنتظر التوثيق والتصديق من قبل اللجنة الدولية للطبقات (بالإنجليزية: International Commission on Stratigraphy) اختصارًا (ICS).





جغرافية عصر البليستوسيني

انتقلت القارات إلى مواقعها الحالية أثناء فترة البليستوسيني، وقد غطت صفائح الجليد كلًا من القارة القطبية الجنوبية، وأجزاء كبيرة من أوروبا، وأمريكا الشمالية، وأمريكا الجنوبية، ومناطق صغيرة في آسيا، وامتد هذا الجليد فوق جرينلاند، وكندا، وأجزاء من شمال الولايات المتحدة، وما يزال يُمكن رؤية بقايا الأنهار الجليدية في العصر الجليدي في أجزاء من العالم، بما في ذلك جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية.[٢]


مناخ عصر البليستوسيني

كان المناخ أكثر برودة وجفافًا مما هو عليه اليوم؛ نظرًا إلى أنّ معظم المياه على سطح الأرض كانت جليدية، فقد كان هطول الأمطار قليل، إذ كان الهطول نصف ما هو عليه اليوم تقريبًا، كما كانت متوسط ​​درجات الحرارة العالمية يتراوح بين 5°-10° درجات مئوية، وهو أقل من معايير درجة الحرارة الحالية، وعلى الرغم من ذلك كان هناك فصول شتاء وصيف خلال تلك الفترة، وقد أدّى التباين في درجات الحرارة إلى حدوث تقدم جليدي؛ لأنّ الصيف كان بارداً نسبياً ولم يُذِبْ الثلج فيه تمامًا.[٢]


تطور الحياة في عصر البليستوسيني

وجدت العديد من النباتات والحيوانات في فترة البليستوسيني، وتطورت كالآتي:


النباتات

شهدت هذه الفترة وجود أنواع من الصنوبريات، والنباتات الحزازية، والنباتات المزهرة،[٣] كما وجدت بعض الأشجار عريضة الأوراق مثل الزان، والبلوط (السنديان)، وعلى الأرض كان هناك أعشاب البراري وكذلك أفراد من عائلات الزنبق، والأوركيد، والورد.[٢]


الحيوانات

يُعدّ الماموث أحد أكبر الثدييات البرية في فترة البليستوسيني، كما تميزت هذه الفترة بوجود الحشرات، والرخويات، والطيور البرية كبيرة الحجم، والثدييات، وغيرها، وما زال الكثير منها يعيش حتى يومنا هذا.[٣]


وقد وجدت أيضًا سلالات من الماموث والصنّاجات ضرعيّة الأسنان أو الماستودونات (بالإنجليزية: Mastodons)، والبيسون الأقرن (بالإنجليزية: Longhorned Bison)، والسنوريات سيفيّة الأنياب (بالإنجليزية: Saber-toothed Cat)، وحيوان الكسلان الأرضي العملاق (البَهضَم)، والعديد من الثدييات الكبيرة الأخرى، والتي تميزت في بيئات أمريكا الشمالية، وآسيا، وأوروبا في ذلك الوقت.[٣]


كما ظهرت الخيول والجمال الأصلية في سهول أمريكا الشمالية، وفي نهاية فترة البليستوسيني انقرضت كل هذه المخلوقات، علمًا بأنّ الخيول التي تعيش في أمريكا الشمالية اليوم كلها من نسل حيوانات تمّ جلبها من أوروبا في العصور التاريخية،[٣] وظهرت الثدييات المألوفة لنا اليوم مثل: القرود، والماشية، والغزلان، والأرانب، والكناغر، والدببة، وأفراد من عائلات الكلاب والقطط التي يُمكن العثور عليها منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، وازدهرت التماسيح، والسحالي، والسلاحف، والثعابين، والزواحف الأخرى.[٢]


ظهرت الطيور الوحشية التي يبلغ طول أجنحتها ما يقارب 7.5 أمتار، لكنها انقرضت في نهاية هذه الفترة،[٣] وتنوعت وازدهرت أفراد عائلات البط، والإوز، والصقور، والنسور، وكان هناك أيضًا بعض الطيور التي لا تطير مثل النعام، والروحاء (الريا) والموا، لكنها كانت مهددة دائمًا، إذ كانت في منافسة مع الثدييات والمخلوقات الأخرى للحصول على إمدادات محدودة من الطعام والماء، فقد كان جزء كبير من الماء مجمدًا.[٢]


شهد العصر الجليدي أيضًا توسعًا في الجنس البشري وبحلول نهاية فترة البليستوسيني انتشر البشر في معظم أنحاء العالم،[٣] إذ سُجلت أول هجرات للبشر من إفريقيا خلال هذه الحقبة.[٤]


الانقراض الجماعي في عصر البليستوسيني

قبل حوالي 13,000 عام، مات أكثر من ثلاثة أرباع الحيوانات الكبيرة في العصر الجليدي، بما في ذلك الماموث الصوفي، والصنّاجات ضرعيّة الأسنان أو الماستودونات، والسنوريات سيفيّة الأنياب، والدببة العملاقة، وقد ناقش العلماء لسنوات حول سبب هذا الانقراض، مع وجود كل من الفرضيتين الرئيستين: الصيد الجائر للإنسان وتغير المناخ، ولكن هذه الفرضيات غير كافية لتفسير سبب الوفاة الهائلة الذي حصل وقتها.[٢]


تمّ اقتراح فرضية الصيد الجائر لأول مرة في ستينيات القرن الماضي، وأفادت هذه الفرضية والتي ما زالت مثيرة للجدل، أنّ الصيد البشري الذي حدث في أواخر فترة البليستوسيني تسبب في انقراض العديد من الثدييات الكبيرة أو ساهم في ذلك، ومن الصحيح أن انقراض الحيوانات الكبيرة في قارات مختلفة يبدو مرتبطًا بوصول البشر لكن السؤال ما إذا كان الصيادون البشر الأوائل كانوا يمتلكون الأدوات المتقدمة تقنيًا للقضاء على الأنواع بأكملها.[٣]


وهناك افتراض آخر، أنّ بعض الأمراض قضت على بعض الأنواع في هذه الفترة، لذا، ما تزال هذه القضية دون حل حتى اللحظة، وربما كان السبب الحقيقي لانقراض العصر الجليدي هو مزيج من هذه العوامل.[٣]


إلا أن هناك أبحاثاً حديثة تشير إلى أنّ جسمًا من خارج الأرض -ربما يكون مذنبًا- يبلغ عرضه حوالي 5 كم تقريبًا، ربما يكون قد انفجر في الفضاء جنوب كندا، مما أدّى إلى القضاء على ثقافة العصر الحجري، والقضاء على الحيوانات الضخمة.[٢]


المراجع

  1. ^ أ ب W. Hilton Johnson (30/7/2018), "Pleistocene Epoch", Britannica, Retrieved 9/7/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د Kim Ann Zimmermann (29/8/2017), "Pleistocene Epoch: Facts About the Last Ice Age", Live Science, Retrieved 9/7/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "The Pleistocene Epoch", University of California, Berkeley, Retrieved 9/7/2021. Edited.
  4. "Neogene Period", Humboldt State University, Retrieved 9/7/2021. Edited.