العصر البرمي

يمتد العصر البرمي (بالإنجليزيّة: Permian Period) في الفترة الزمنيّة الواقعة بين 299-251 مليون عام مضت من حقبة الحياة القديمة (بالإنجليزية: Paleozoic Era)، وشكّل فترة من التغيّرات الهائلة التي غيّرت الحياة على الأرض كما لم تكن عليه من قبل، إذ يُعدّ نهاية حقبة الحياة القديمة، وهو العصر الفاصل بين كل من حقبتي الحياة القديمة، والوسطى، إذ حدث أثناء هذا العصر أكبر انقراض لعدد عظيم من أشكال الحياة على الأرض، مما أثّر بشكل كبير في مختلف أنواع الكائنات الحيّة في جميع البيئات على اختلاف أنواعها.[١]


كان للبيئة البحريّة الحصّة الأكبر من حيث التغيرات التي طرأت آنذاك، ومن الجدير ذكره انقراض الغالبية العظمى من اللافقاريات البحريّة حينها، مع نجاة بعض المجموعات من الكائنات البحريّة التي تناقصت مع مرور الوقت بشكل يجعل من هيمنتها كالسابق أمرًا غير ممكن، كما يجدر التنويه لكون عصر البرمي هو العصر الذي مهّد لانطلاق ووجود أنواع عديدة من الكائنات التي باستطاعتها العيش على اليابسة.[١]


مُميّزات عصر البرمي

يُمكن توضيح المميّزات التي يتمتّع بها العصر البرمي على عدة أصعدة هي كالآتي:[٢][٣]


الموقع الجغرافي

شكّل العصر البرمي آخر الحقبة القديمة، ويأتي بعده العصر الكربوني، ويأتي قبله العصر الترياسي، وشهد في مطلعه تشكيل قارة بانجيا (بالإنجليزية: Pangaea) العملاقة، والتي تشكّلت نتيجة اصطدام كل من قارتي أوروبا-الأمريكيّة، وغندوانا (بالإنجليزية: Gondwana)، إذ اتخذت قارّة بانجيا في شكلها حرف (C) باللغة الإنجليزية، ويتكون الجزء العلوي منه من قارتي أوروبا وآسيا، أمّا الجزء الخلفي من الحرف فشكّل كل من أمريكا الشماليّة والجنوبيّة، وشكّلت قارة إفريقيا الجزء الداخلي من المنحنى، أمّا بالنسبة للمنحنى المُنخفض، فشكّل كلًا من الهند، وأستراليا، والقارة القطبيّة الجنوبيّة، أمّا الجزء الداخلي من الحرف فكان عبارة عن بحر التيثس (بالإنجليزية: Tethys Ocean).[٢]


الحياة البحريّة

تُشير الأحافير والأدلّة الأحفوريّة التي عُثر عليها في مناطق المياه الساحليّة ذات الطبيعة الضحلة حول الجرف القاري لقارّة بانجيا لتواجد الشعب المرجانيّة آنذاك في أنظمة بيئيّة كبيرة الحجم، بالإضافة إلى وجود تنوّع كبير في أنواع الإسفنج والشعاب المُرجانيّة، كما كان هنالك وجود للأمونيت، وذراعيات الأرجل (بالإنجليزية: Brachiopods)، واختفت الأسماك ذات الفصوص، والزعانف الشوكيّة، وظهرت البرمائيات، والأسماك العظميّة الحقيقيّة، كما استمرت هيمنة أسماك القرش والشفنينات في تلك الفترة.[٢]


النباتات

بدأ جفاف يداهم المُستنقعات العملاقة في العصر البرمي، واستُبدلت النباتات الأولية الحاملة للبذور (عاريات البذور) بالنباتات الطحلبيّة التي تعتمد اعتمادًا كليًا على الجراثيم في تكاثرها، إذ تمتاز النباتات عارية البذور بكونها وعائيّة، وباستطاعتها نقل المياه في جوفها، ومن الأمثلة على عاريات البذور الصنوبريات بشكل عام، بالإضافة إلى النخيل القصير على غرار النخل السرخسي والجنكة،[٢] ومن الجدير ذكره أنّ غابات المُستنقعات المورقة تغيّرت بالكامل لنباتات من فصيلة الصنوبريات والسراخس وغيرها من النباتات المقاومة للجفاف.[٤]


الحشرات

شهد العصر البرمي تنوّعًا في مفصليات الأرجل التي قل التنوّع فيها نتيجة للتقلبات المناخيّة، وتطوّرت الحشرات الحقيقيّة، من حدوث بعض التعديلات في أجزاء الفم بما يتناسب مع ثقب النباتات وامتصاص المواد النباتيّة منها، إذ اشتملت أنواع الحشرات المتطوّرة الزيزيات والخنافس، وعدة مجموعات أخرى من الحشرات.[٢]


الحيوانات

هيمنت على اليابسة في العصر البرمي مجموعتين رئيستين من الحيوناتا، هما مُلتحمات الأقواس (بالإنجليزية: Synapsids)، ذات الجماجم بفتحة واحدة، والتي يسود الاعتقاد بأنّ الثدييات انحدرت منها، بالإضافة إلى عظائيات الوجه (بالإنجليزية: Sauropsids)، ذات الفتحتين في الجمجمة، والتي تُعدّ من أسلاف الزواحف بما فيهم الديناصورات والطيور.[٢]


هيمنت ملتحمات الأقواس على الفترة الأولى من العصر البرمي، وكان أشهر الحيوانات من فصيلة ملتحمات الأقواس هو الديميترودون (بالإنجليزية: Dimetrodon) المنتمي لجنس البليكوصور (بالإنجليزية: Pelycosaurs) وهو أحد الحيوانات المفترسة، ويشبه السحليّة ذات الزعنفة العظميّة العملاقة على الظهر، والتي بيّنت الأبحاث الحديثة لأحافيره المكتشفة لامتلاكه لجماجم بأسنان وفك أقرب ما تكون للثدييات منها إلى الزواحف.[٢]


في آخر العصر البرمي ظهرت سُلالة جديدة من مُلتحمات الأقواس عُرفت باسم السحلية المجرفة أو ما يُسمّى الليستروصورس (بالإنجليزية: Lystrosaurus)، كما خلفت البليكوصورات سلالة جديدة تُعرف باسم وحشيات الأقواس (بالإنجليزية: Therapsids)، التي تشبه في تركيبها الثدييات، من حيث وجود الأرجل أسفل الجسم، ووضعية أكثر استقامة أشبه بالثدييات الرباعيّة، كما أشارت الأحافير لاحتواء جماجمها على شعيرات، مما يدل على تغطية بعض الأنواع بالفراء، إلى جانب فصيلة كلبيات الأسنان (بالإنجليزية: Cynodont)، والتي يُعتقد أنّها أسلاف جميع الثدييات الحديثة.[٢]


شهد نهاية العصر البرمي انقراضًا لأكبر حيوانات مُلتحمات الأقواس، بينما نجت عظائيات الوجه التي سرعان ما تنوّعت لملء الفراغ الذي خلّفه انقراض مُلتحمات الأقواس، فظهرت الديناصورات التي هيمنت على حقبة الحياة الوسطى (بالإنجليزية: Mesozoic Era).[٢]


الانقراض الجماعي في العصر البرمي

شهد العصر البرمي في آخر فتراته أكبر انقراض جماعي في تاريخ الأرض، إذ قُضي على أغلب الكائنات الحيّة آنذاك، والذي قدّره العلماء بحوالي 95% من الحيوانات البحريّة، وأكثر من 70% البرية، كما بيّنت الأحافير التي عُثر عليها في منطقة جبال الألب الإيطالية أنّ الانقراض العظيم شمل النباتات أيضًا.[٢]


كما دلّ وجود بعض الحفريات على وجود غابات صنوبريّة ضخمة في المنطقة في ذلك الحين، كما عُثر في طبقات الصخور على أحافير وعلامات قليلة تُشير إلى وجود كميات قليلة من النباتات إلى جانب وجود كمية من أحافير الفطريات التي يُعزى وجودها وتكاثرها لوجود وفير من الأشجار المتحللة.[٢]


لا يوجد سبب واضح لحدوث الانقراض الجماعي بحسب ما يعتقده العلماء، إذ توجد بعض الدلائل على وجود سلسلة من نشاط بُركاني كارثي في منطقتي سيبيريا والصين في الجزء الشمالي من قارة بانجيا، والتي يُحتمل تسببها في حدوث تبريد سريع في درجات الحرارة مؤديًا إلى حدوث زيادة في كميات التجلّد، والذي يُعرف أيضًا باسم الشتاء النووي، والذي تسبب بتدمير جميع الكائنات المعتمدة على البناء الضوئي التي تُشكّل السلسلة الأساسيّة لغالبيّة السلاسل الغذائيّة.[٢]


وصاحب الشتاء النووي انخفاض مستويات سطح البحر والذي من شأنه التسبب بوجود نسب مُرتفعة من غاز ثاني أكسيد الكربون في المحيطات مُتسببًا بانهيار النظم البيئية البحرية كافة، ويوجد اعتقاد آخر على وجود دلائل لحدوث اصطدام كويكب ضخم في المنطقة الجنوبيّة لقارة بانجيا (أستراليا حاليًا)، وعلى اختلاف الأسباب الكامنة وراء الموت العظيم إلا أنّ حدوثه كان الفاصل النهائي لحقبة الحياة القديمة كاملة.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب "The Permian Period", ucmp.berkeley, Retrieved 3-7-2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س Mary Bagley (8-2-2014), "Permian Period: Climate, Animals & Plants", livescience, Retrieved 5-7-2021. Edited.
  3. "Permian Period—298.9 to 251.9 MYA", nps, Retrieved 6-7-2021. Edited.
  4. ^ أ ب "Permian Period", nationalgeographic, 24-1-2017, Retrieved 6-7-2021. Edited.