الأحافير المتحجرة

الأحافير المتحجرة (بالإنجليزية: Petrified Fossil) هي الأحافير الناتجة عن اختزال -أي استبدال المواد التي كانت موجودة في الكائن الحي بالمعادن- إذ تخترق المحاليل الفجوات بين الخلايا في النباتات والحيوانات، والتي تتكون معظمها من معادن الكوارتز، أو الكالسيت، أو مركبات الحديد، وتكوّن الأحافير المتحجرة.[١]


كيفية تكوّن الأحافير المتحجرة

تخترق محاليل المياه الجوفية التي تحتوي على السيليكات، أو الكربونات، أو الحديد، أو معادن أخرى الفجوات بين الخلايا في النباتات والحيوانات، وتغلفها، ومع مرور الوقت، يتبخر الماء، فتتحلل الكائنات ببطء، ويؤدي الدفن السريع للكائنات إلى إبطاء معدل التحلل بدرجة كافية للسماح بحدوث عمليات التبادل، مما يسمح الماء المحتوي على معادن مذابة بالدوران عبر الرواسب، ثمّ تخترق هذه المحاليل الغنية بالمعادن وتشبع الركام المدفون.


ومع تبخر الماء، تبقى المعادن، وتتبلور المعادن الذائبة في المحلول بين خلايا الكائن الحي، يملأ المحلول الفجوات المتبقية، إذ تتعفن الخلايا تدريجيًا، بعد ذلك، تحل المعادن المترسبة محل جميع المواد العضوية، ويُطلق على هذه العملية اسم التمعدن (بالإنجليزية: Permineralization)، وتُعدّ الأصداف، والعظام والنباتات، وخاصة الأشجار، مناسبة بشكل خاص لعملية التمعدن؛ لأنّ البنية الطبيعية للخلايا تحافظ على شكلها أثناء عملية الدفن وتبادل المعادن مع هذه المكونات في الكائن الحي.[١]


أهمية الأحافير المتحجرة

تكمن أهمية دراسة الأحافير المتحجرة في:


تأريخ الصخور باستخدام الأحافير المتحجرة

يحصل الجيولوجيون على ثروة من المعلومات الأحفورية، فهي تساعد على فهم التطور والحياة، وتوفر معلومات مهمة لفهم البيئة الرسوبية وتغير المناخ العالمي، كما يُمكن استخدامه لتأريخ الصخور، وتعود الأحافير إلى مئات السنين، وتمّ تصنيفها بناءً على فهرسة ممنهجة وتخصيص للأعمار النسبية للكائنات الأخرى (الحياة القديمة) تمّ وضعها في أوائل القرن التاسع عشر.[٢]


ويعود تاريخ أقدم أحفورة في العالم إلى حوالي 3.5 مليار عام، وهي صغيرة الحجم، وعلى الرغم من أنّ الحفاظ على الأحافير الصغيرة يتمّ بشكل سيئ وغير مفيدة في تأريخ الصخور، إلّا أنّها تعطي فكرة عن الظروف التي نشأت فيها، نشأت أقدم الحفريات المعروفة في التكوين من الصخور التي يعود تاريخها إلى حوالي 600 مليون عام، وتقدم سجلات مفصلة عن تاريخ وتطور أشكال الحياة على الأرض.[٢]


ليست جميع الصخور الرسوبية تحتوي على أحافير ظاهرة للعيان، وليس من السهل العثور عليها، كما لا يُمكن تحديد عمر الصخور منها وحدها، لذا، على مدار القرن الماضي تمّ الحصول على تواريخ نظائرية من الصخور المحيطة بالصخور الحاملة للأحافير لتأريخ أعمار الصخور، بما في ذلك الصخور النارية التي تخترق الرواسب والطبقات البركانية بين الرواسب.[٢]


تطور الكائنات الحية

تطورت المجموعات الرئيسة للمخلوقات المألوفة لدينا بين دهر الطلائع المتأخر أو ما يُسمّى الحياة المبكرة (بالإنجليزية: Proterozoic Eon) أي بين 600-520 مليون عام، فتطورت النباتات من البحر، ووصلت الطحالب الخضراء إلى اليابسة خلال العصر الأوردوفيشي (بالإنجليزية: Ordovician Period) أي حوالي 450 مليون عام.[٢]


وصلت الحشرات التي تطورت من المفصليات البحرية إلى اليابسة خلال العصر الديفوني (بالإنجليزية: Devonian Period) أي حوالي 400 مليون عام، ووصلت البرمائيات (أي الفقاريات) إلى اليابسة بعد حوالي 50 مليون عام، وبحلول أواخر العصر الكربوني (بالإنجليزية: Carboniferous Period)، تطورت الأشجار من التطور النباتي المبكر والزواحف من البرمائيات.[٢]


بحلول منتصف العصر الترياسي (بالإنجليزية: Triassic Period)، تطورت الديناصورات والثدييات من فروع مختلفة جدًا من الزواحف، ثمّ تطورت الطيور من الديناصورات خلال العصر الجوراسي (بالإنجليزية: Jurassic Period)، كما تطورت النباتات المزهرة في أواخر العصر الجوراسي أو أوائل العصر الطباشيري (بالإنجليزية: Cretaceous Period)، وتطورت الرئيسيات (بالإنجليزية: Primates) المبكرة من الثدييات الأخرى في أوائل العصر الباليوجيني (بالإنجليزية: Paleogene Period)، بينما تطور جنس الإنسان في أواخر العصر النيوجيني (بالإنجليزية: Neogene Period).[٢]


المناخ

توفر الأحافير معلومات حول المناخ والبيئة في الأماكن التي تمّ ترسيتها وحفظها، على سبيل المثال، تتطلب أنواع معينة من الشعاب المرجانية مياه دافئة وضحلة، أو قد تنمو أنواع معينة من كاسيات البذور متساقطة الأوراق فقط في الظروف المناخية الباردة.


الكشف عن المعادن

يساعد وجود الأحافير في الصخور على التنقيب عن المعادن الأحفورية والوقود المعدني، فعلى سبيل المثال، تساعد الأحافير على التأكد من وجود طبقات من الفحم في الصخور الموجودة فيها، وفي الآونة الأخيرة، تمكن الجيولوجيون من دراسة الطبقات التي تحتوي على رواسب النفط والغاز الطبيعي من خلال تحليل الأحافير الدقيقة التي تمّ الحصول عليها من العينات التي استخرجت من خلال عمليات الحفر العميقة.[٣]


الغابة المتحجرة الشهيرة ليسبوس

من الأمثلة على الأحافير المتحجرة غابة ليسبوس المتحجرة، والتي تقع في جزيرة ليسبوس (بالإنجليزية: Lesvos) شمال بحر إيجه، وهي واحدة من أهم المعالم الأثرية للتراث الطبيعي في العالم، وتُعدّ غابة زهور ليسبوس دليلًا فريدًا على النظام البيئي الذي كان موجودًا في المنطقة خلال عصر ميوسين (بالإنجليزية: Miocene Epoch).[٤]


تتكون الغابة من مئات من الجذوع المتحجرة إمّا توجد واقفة، أو مستلقية، أو توجد نباتات صنوبرية، أو نباتات الحاملة للفاكهة، كما تحتوي الغابة على طبقات من الصخور البركانية، وقبل 18.5 مليون عام غطت منتجات الثوران البركاني الغطاء النباتي للغابة، وتمّت تغطية جميع الأعضاء النباتية وتحجرت بدورها، واليوم في جميع أنحاء المنطقة، يُمكن العثور على حفريات رائعة وآثار للأغصان، والفواكه، وجذور الأشجار والأوراق والحيوانات التي تعيش في الغابات وحولها.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب "petrified-fossil", sciencing.com, Retrieved 9/07/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح "Dating Rocks Using Fossils", libretexts.org, Retrieved 9/07/2021. Edited.
  3. "fossils", britannica.com, Retrieved 9/07/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "Petrified Forest of Lesvos", unesco.org, Retrieved 9/07/2021. Edited.