ما هي تيارات الحمل الحراري؟

تُعرف تيارات الحمل (بالإنجليزية: Convection Current) بأنّها تدفقّ لمائع يتحرّك نتيجة حدوث تباين في درجة حرارة الجزيئات أو كثافتها داخل مادة معينة، وغالبًا ما يُمكن مُلاحظتها في المواد السائلة والغازيّة، أمّا بالنسبة للمواد الصلبة فلا يُمكن ملاحظتها، ويعود السبب في ذلك لأنّ الجزيئات الموجودة في داخل المواد الصلبة صلبة وثابتة في مكانها، إذ يتسبب اختلاف درجة حرارة الجزيئات لانتقال الطاقة من مكان ذي طاقة أعلى إلى مكان آخر ذي طاقة أقل، وهو ما يُسمى بالحمل الحراري الذي يلعب دورًا في نقل المواد من مكانٍ إلى آخر، من أهمّ القوى التي تؤثر في تيارات الحمل: الجاذبية، والتوتر السطحي، والاهتزازات، والمجال الكهرومغاطيسي، وغيرها من القوى.[١]


آليّة تكوّن تيارات الحمل الحراري

تتلخّص الآليّة التي تتكون بها تيارات الحمل الحراري بالحركة التي تتخذها الجزيئات نتيجة وجود اختلاف في الحرارة والكثافة، فيتمدد المائع ويصبح أقل كثافة، فيرتفع إلى أعلى ويحل محله المائع الأبرد منه، والذي يتمّ تسخينه، ثمّ يرتفع مرة أخرى إلى أعلى، وهكذا، وتتصف حركتها بأنّها حركة دوريّة، وتستمر حتى تتوحّد درجة حرارة المائع وتساويها في جميع أنحائه، وذلك في حال عدم وجود مصدر للطاقة، مثل: ضوء الشمس، والحرارة، وبشكل عام تتحرّك الموائع من مكان ذي كثافة أعلى إلى مكان آخر ذي كثافة أقل، أو من مناطق ذات ضغط مرتفع إلى أماكن أخرى ذات ضغط منخفض.[١][٢]


أنواع تيارات الحمل الحراري

يُمكن تصنيف تيارات الحمل الحراري حسب الطريقة التي تحدث بها إلى نوعين أساسيين، هما:[٣]

  • تيارات الحمل الطبيعيّة: تحدث بشكلٍ طبيعي نتيجة دوران المائع، أو الهواء بسبب تسخينه وتغيّر كثافته دون وجود أيّ تدخّل غير طبيعي، مثل التدخل البشري، إذ يتسبب تسخين الماء على سبيل المثال بزيادة سرعة الجزيئات، وتوسيع المساحة التي تتحرّك بها، فترتفع الجزئيات نحو الأعلى، ليبرد مرة أخرى ويتجه نحو الأسفل، وهكذا، ومن الأمثلة على تيارات الحمل الطبيعيّة تلك التي تحدث في الغلاف الجوّي نتيجة الإشعاع الشمسي، وتُعدّ مسؤولة عن تكوّن السحب والعواصف الرعديّة.
  • تيارات الحمل غير الطبيعيّة: والتي تُسمى أيضًا بتيارات الحمل الحراري الإجباريّة والقسريّة، وغالبًا ما تختلف عن تيارات الحمل الطبيعيّة بنوع القوى التي تُسبب الحركة في الموائع، والتي تنتج عادة عن أسباب أخرى غير اختلاف درجة الحرارة أو الكثافة، ومن الأمثلة عليها حركة المروحة، أو المضخّة.


أشكال تيارات الحمل الحراري

لا يقتصر وجود تيارات الحمل الحراري في الهواء والماء، بل قد يوجد أيضًا في طبقات الأرض، ويُمكن توضيح أشكال تيارات الحمل تبعًا للوسط الذي تحدث فيه من خلال ما يأتي:[٢]

  • تيارات الحمل الحراري في المحيط: تُعدّ تيارات الحمل الحراري الموجودة في المحيط السبب في اختلاط المياه وتوزيع الحرارة، وأيّة مُغذيات قابلة للذوبان في المحيطات الموجودة حول العالم، ففي الجزء الشمالي من خط الاستواء، ترتفع المياه الدافئة نتيجة تسخينها بفعل أشعة الشمس في مناطق خط الاستواء، وتتجه نحو الشمال، لتحل محل المياه الباردة التي تتجه نحو قاع المحيط، والمياه الباردة التي تتجه نحو الجنوب باتجاه خط الاستواء.
  • تيارات الحمل الحراري في الهواء: تحدث تيارات الحمل الحراري في الهواء نتيجة تسخين الشمس للهواء الموجود في المناطق القريبة من خط الاستواء على الأرض، فتقل كثافته، ويندفع نحو الأعلى، ومع ارتفاعه يبرد وتقل درجة حرارته، وتزداد كثافته ليعود وينزل إلى الأسفل، ومع استمرار حركته صعودًا وهبوطًا تتكون خلايا تُسمى بخلايا هادلي (بالإنجليزية: Hadley Cells)، ومع استمرار دوران الهواء تتشكّل الرياح، كما يجدر التنويه إلى أنّ تيارات الحمل الحراري الموجودة في الهواء هي المسؤولة بشكل رئيس عن بقاء الغيوم مرتفعة في الغلاف الجوي.
  • تيارات الحمل الحراري في الأرض: يعتبر الجيولوجيون تيارات الحمل هي المسؤولة عن حركة الصخور المُنصهرة في باطن الأرض، وخاصة لكونه في حالة شبه سائلة، وبالتالي تتحرّك بحركة أشبه بحركة السوائل، إذ ترتفع الصخور المنصهرة من طبقة الستار -أو التي تُسمّى الوشاح (بالإنجليزية: Mantle) - نحو الأعلى مع ارتفاع درجة حرارتها وانخفاض كثافتها، ومع فقدان الصخور الموجودة في القشرة الأرضيّة لحرارتها تقل درجة حرارتها وتزداد كثافتها، مؤديًا ذلك إلى هبوطها إلى أسفل، ويعتقد الجيولوجيون أنّ هذه الحركة هي المسؤولة عن تسخين القشرة الأرضية، ويعتبر عدد من الجيولوجيين هذه الحركة المستمرة من الأسباب الرئيسة التي تُساهم في حدوث الزلازل والبراكين، كما قد تكون سببًا في حدوث الانجراف القاري.


دور تيارات الحمل الحرارية في حركة الصفائح

تلعب تيارات الحمل الحراري دورًا بارزًا في حركة الصفائح التكتونيّة للأرض، إذ يعود ترتيب قارات الكرة الأرضيّة في وضعنا الحالي إلى حوالي 200 عام مضى، إذ تجمّعت وتفككت مع مرور السنين، وساهمت الأدلة المُكتشفة في ستينيات القرن الماضي بتوضيح بنية القشرة الأرضيّة وتقسيمها إلى عدة أقسام تُسمّى بالصفائح التكتونيّة (بالإنجليزية: Tectonic Plates)، ويُعدّ السبب الرئيس والشائع لحركة هذه الصفائح هي أنّها تتحرك فوق تيارات الحمل الحراري الموجودة في طبقة الستار (الوشاح) العلويّة، والتي تتألف من صخور منصهرة ومُتدفّقة أسفل القشرة الأرضيّة بشكل مباشر، إذ تتسبب التيارات المتقاربة بدفع الصفائح نحو بعضها البعض، بينما التيارات المتباعدة تفصل بين الصفائح، وتتسبب في ابتعادها عن بعضها البعض، عندها تصعد الصخور المنصهرة إلى سطح الأرض، وعندما تبرد تغوض مرة أخرى في طبقة الستار، وهكذا دواليك.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب Anne Marie Helmenstine (13-9-2019), "Convection Currents in Science, What They Are and How They Work", thoughtco, Retrieved 24-5-2021. Edited.
  2. ^ أ ب Herb Kirchhoff (23/4/2018), "What Are Convection Currents?", sciencing, Retrieved 26/5/2021. Edited.
  3. "Convection", britannica, Retrieved 29-5-2021. Edited.
  4. "Study how the convection currents and other forces play a role in the movement of Earth's tectonic plates", britannica, Retrieved 25-5-2021. Edited.