نظرية تكتونيّة الصفائح وزحزحة القارات

تُعدّ نظرية الصفائح التكتونيّة (بالإنجليزية: Plate Tectonics) مرتبطة بالعديد من ديناميكيات الغلاف الخارجي للأرض (الغلاف الصخري) والتي تسببت بإحداث ثورات كبيرة في علوم الأرض، إذ إنّها وفّرت طرقًا محددة لفهم عمليات بناء الجبال، والبراكين، والزلازل، بالإضافة إلى عمليات تطور سطح الأرض، كما ساعدت على تفسير آلية إعادة بناء القارات السابقة والمحيطات.[١]


تشمل نظرية الصفائح التكتونيّة بشكل واسع البيانات الجيولوجية والجيوفيزيائية، إذ قدمت شرحًا شاملًا لوصف الجغرافيا السابقة للقارات والمحيطات، والعمليات التي تتحكم في بناء وتدمير معالم سطح الأرض، بالإضافة إلى وصفها لتطور القشرة الأرضية، والغلاف الجوي، والمحيط الحيوي، والغلاف المائي، والمناخات التي سادت عبر التاريخ.[١]


ومن الجدير بالذكر أنّ نظرية تكتونية الصفائح دمجت الفكرة القديمة عن الانجراف القاري مع مفهوم انتشار قاع البحر، وأصبحت العمليات التكتونية للصفائح تؤثر بعمق في تكوين الغلاف الجوي للأرض والمحيطات، إذ إنّها المسبب الرئيس في تغيّر المناخ، عدا عن مساهمتها الكبيرة في البيئة الكيميائيّة والفيزيائية التي تؤثر في تطور الحياة.[١]


مكونات الصفائح التكتونية

تتكون الصفائح التكتونية من طبقة خارجية تُسمّى الغلاف الصخري (بالإنجليزية: Lithosphere) يتراوح سُمكها بين 50-100 كم، وتتكون من 7 صفائح كبيرة الحجم، وبين 6-7 صفائح متوسطة الحجم، والعديد من الصفائح صغيرة الحجم، ويستقر الغلاف الصخري فوق طبقة منصهرة جزئيًا أكثر كثافة منه تُسمّى الغلاف المائع (بالإنجليزية: Asthenosphere).[١]


آلية حركة الصفائح التكتونية

تتحرك الصفائح التكتونية بالنسبة إلى بعضها البعض إمّا بحركة تقاربية، أو تباعدية، أم بحركة أفقية، أي بجانب بعضها البعض، وبمعدل يتراوح بين 5-10 سم/العام، وقد يكون السبب الرئيس لحركة الصفائح هي تيارات الحمل الحراري، أو سحب الصفائح من القشرة الأرض إلى الأعماق، أو حدوث العمليتين معًا، وبذلك فإنّ حدود الصفائح في مواقع العديد من العمليات الرئيسة التي تُشكل سطح الأرض، مثل الزلازل، والبراكين، وتكوين الجبال.[١]


أنواع حدود الصفائح التكتونيّة

إن تشكّل المظاهر الطبيعيّة على سطح الأرض، وحدوث بعض المخاطر الجيولوجية مثل الزلال، والانفجارات البركانية، ويعود سببها إلى حركة الصفائح في الغلاف الصخري للأرض، وقد تمّ تقسيم حدود الصفائح التكتونيّة إلى:[٢][٣]

  • حدود الصفائح المتباعدة: إذ تتباعد الصفيحتين بعيدًا عن بعضهما البعض، مما يؤدي إلى انفجارات بركانية في الصخور المنصهرة على طول الفتحة مكوّنة قشرة جديدة ، وزلازل ضحلة تُسمّى مراكز الانتشار، ومن الأمثلة على مثل هذه الحدود تشكيل الوادي المتصدع العظيم في إفريقيا، والبحر الأحمر، وخليج عدن.
  • حدود الصفائح المتقاربة: تتصادم الصفائح ببعضها نتيجة حركتهما تجاه بعضهما، فعند التقاء الصفيحة القارية والصفيحة المحيطية تغوص الصفيحة المحيطية؛ لأنّها ذات كثافة أكبر ومرونة عالية تحت الصفيحة القارية الأكثر سمكًا وصلابة في مناطق الغوص (بالإنجليزية: Subduction Zone)، مما يؤدي إلى تكوين خنادق عميقة في المحيط، مثل الخنادق الموجودة على طول الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، ثمّ تبدأ الصخور المغمورة تحت الصفيحة القاريّة بالذوبان لتتحول إلى صخور منصهرة فترتفع إلى السطح لتشكل سلسلة من البراكين، ومن الجدير بالذكر أنّه 80% من الزلازل تحدث عند الصفائح المتقاربة، وهناك شكلً آخر للصفائح المتقاربة هو عند التقاء صفيحتين قاريتين فإنّهما تسحقان بعضها البعض وتندفعان إلى الأعلى معًا؛ لأنّ كلا الصفيحتان متساويتان في القوى، مما يؤدي إلى تشكيل سلاسل جبلية ضخمة مثل جبال الهيمالايا.
  • حدود الصفائح المتحولة: وتتكون حين تنزلق أحد الصفائح بجانب الصفيحة الأخرى، مما قد يتسبب في تشكيل خط جانبي تحدث على حدوده زلازل ضحلة، والقليل من الأنشطة البركانيّة، ومن الأمثلة على حركة الصفائح المتحولة هو صدع سان أندرياس.
  • النقاط الساخنة: على الرغم من أنّ معظم الأنشطة البركانية للأرض تتركز على طول حدود الصفائح، إلّا أنّ هناك بعض الاستثناءات التي تحدث فيها أنشطة داخل الصفائح، وهي النقاط الساخنة وهي نقاط بركانيّة نشطة، تصعد في داخل الصفيحة فوق عمود الوشاح (بالإنجليزية: Plume of Mantle)، مما يؤدي إلى حدوث سلسلة من البراكين والزلازل، ومن الأمثلة النقط الساخنة هي هاواي، ويلوستون (بالإنجليزية: Yellowstone).


أدلة على زحزحة القارات (الانجراف القاري)

تُعدّ نظرية الانجراف القاري أو زحزجة القارات (بالإنجليزية: Continental Drift) من أقدم الطرق التي تفسر حركة الصفائح، إذ اعتقد العالم ألفريد فيغنر (بالألمانية: Alfred Wegener) أنّ كتل اليابسة القارية كانت تنجرف عبر الأرض، وقد تعبر المحيطات، إذ كانت جميع قارات الأرض ذات يوم جزءًا من كتلة واحدة هائلة من اليابسة تسمى بانجيا (بالإنجليزية: Pangaea).[٤]


وقد استخدم العالم فيغنر (بالألمانية: Wegener) علم الأحياء، وعلم النبات، والجيولوجيا؛ لتأكيد نظرية الانجراف القاري، إذ توجد أحافير لبعض الحيوانات الزاحفة مثل الميسوصور (بالإجليزية: Mesosaurus) في جنوب إفريقيا وأمريكا الجنوبية فقط، في حين أنّ هذا الحيوان زاحف كان يعيش في المياه العذبة، ولا يُمكنه السباحة في المحيط الأطلسي.[٤]


كما درس الحفريات النباتية في القطب الشمالي المتجمد في سفالبارد (بالإنجليزية: Svalbard) في النرويج، ولم تستطيع تلك النباتات التكيف في مناخ القطب الشمالي إذ إنّها نباتات استوائيّة، مما يشير إلى أنّ سفالبارد كانت ذات يوم تتمتع بمناخ استوائي، وبالتالي فإنّ تفسير الانجراف القاري يعود إلى أنّ هذه القارة العملاقة بدأت بالتفكك على مدى ملايين السنين وانفصلت إلى قطع وابتعدت عن بعضها البعض لتشكّل القارات الموجودة في يومنا هذا.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج "Plate tectonics", britannica, Retrieved 5/7/2021. Edited.
  2. "Types of Plate Boundaries", nps, Retrieved 5/7/2021. Edited.
  3. "Plate Boundaries: Divergent, Convergent, and Transform", calacademy, Retrieved 5/7/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت "Continental drift", nationalgeographic, Retrieved 5/7/2021. Edited.