تعرف الجاذبية الأرضية (بالإنجليزية: Gravity of Earth) بالتسارع الذي تكتسبه الأجسام نتيجة التأثير المشترك للجاذبية من توزيع الكتلة داخل الأرض وقوة الجذب المركزي الناتجة عن دوران الأرض حول نفسها، يقاس هذا التسارع بالأمتار لكل ثانية مربعة والتي تكافئ نيوتن لكل كيلوغرام والذي يساوي تقريبًا 9.81 م/ث2.[١]


تُعدّ الجاذبية إحدى القوى الأساسية الأربعة التي تحكم جميع التفاعلات في الطبيعة جنبًا إلى جنب مع القوة النووية الضعيفة، والقوة النووية القوية، والكهرومغناطيسية، ومن بين هذه القوى، تُعدّ الجاذبية هي الأضعف، فهي أضعف بحوالي 1038 مرة من القوة النووية القوية، وأضعف بحوالي 1036 مرة من القوة الكهرومغناطيسية وأضعف بحوالي 1029 مرة من القوة النووية الضعيفة.[١]


لماذا الجاذبية غير متساوية في الأرض

أولاً، هناك تباين في الجاذبية على سطح الكرة الأرضية، فيصل وزن الإنسان حوالي 0.5% عند القطبين أكثر منه على خط الاستواء، وهناك تأثيران يساهمان في ذلك أحدهما يرجع إلى الاختلاف الفعلي في قوة الجاذبية بين خط الاستواء والقطبين، أمّا التأثير الآخر فيعود إلى حقيقة أنّ الأرض تدور، مما يؤثر في الوزن الذي يتمّ قياسه.[٢]


ثانيًا، تتغير الجاذبية بالفعل مع الارتفاع، تتناسب قوة الجاذبية فوق سطح الأرض مع (1 / R2)، إذ إنّ (R) هي المسافة بين الشخص وبين مركز الأرض، ويبلغ نصف قطر الأرض عند خط الاستواء 6.378 كم، فإذا كان الشخص على جبل عند خط الاستواء، وكان ارتفاعه 5 كم، ستكون بعد ذلك على بعد 6.383 كم من مركز الأرض، وستنخفض قوة الجاذبية بمعامل (6.378 / 6.383) 2 = 0.9984، لذا، فإنّ الفرق أقل من 0.2%.[٢]


أخيرًا، هناك اختلافات صغيرة جدًا، حوالي 0.01% أو أقل في الجاذبية بسبب الاختلافات في الجيولوجيا المحلية، فعلى سبيل المثال، يُمكن أن يكون للتغييرات في كثافة الصخور الموجودة أسفل الشخص أو وجود الجبال القريبة تأثير طفيف في قوة الجاذبية.[٢]


نعلم بشكل عام أن قيمة تسارع الجاذبية الأرضية= 9.8 م/ث2، من المفترض أن تكون ثابتة بالنسبة للكوكب بأكمله، ولكن مع تطوير أدوات أكثر تطورًا وحساسية، أصبح من الواضح أنّ قوة الجاذبية تختلف من مكان إلى آخر على سطح الأرض، وتشير القيمة القياسية 9.8 م/ث2 إلى أنّ الأرض كتلة متجانسة.[٣]


وفي الواقع، هناك العديد من الأسباب التي تجعل هذه القيمة تتراوح من الحد الأدنى حوالي 9.78 م/ث2 عند خط الاستواء إلى حوالي 9.83 م/ث2 كحد أقصى عند القطبين، ويُمكننا الآن قياس مدى تباين قوة الجاذبية الأرضية لأكثر من ثمانية منازل عشرية.[٣]


خرائط الجاذبية

نظرًا إلى أنّ العلماء لا يُمكنهم رؤية قوة الجاذبية أو الإحساس بها أو مراقبتها مباشرة، فإنّهم يرسمون جاذبية الأرض باستخدام نموذج رياضي يصف سطحًا كرويًا وهميًا يسمى الجيود، أو ما يُسمّى المجسم الأرضي (بالإنجليزية: Geoid)، وتتمثل المحيطات فيه بأسطح ناعمة ومستمرة، لا تتأثر بالمد والجزر، أو الرياح، أو التيارات، فينشأ سطح أفقي يُمكن للعلماء من خلاله قياس قوة الجاذبية إلى أسفل.[٤]


أنشأ العلماء خرائط الجاذبية باستخدام مجموعة من قياسات الأرض، وسجلات السفن، والاستشعار عن بعد، ولكن لم تكن هذه القياسات دقيقة بما يكفي لالتقاط التغييرات الطفيفة في حركة الماء التي تتسبب في تغيّر الجاذبية بمرور الوقت، بعدها تمكن العملاء بمساعدة مهمة قمر صناعي من حساب وزن المياه أثناء دورانها حول العالم، وربط هذه القياسات بالتغيّرات في مستوى سطح البحر، ورطوبة التربة، والصفائح الجليدية.[٤]


يتمّ تحديد الجاذبية من خلال مقدار كتلة مادة معينة، لذلك كلما زادت كتلة الجسم، زادت قوة جاذبيته، فعلى سبيل المثال، الغرانيت مادة كثيفة للغاية ذات مستوى عالٍ من الكتلة، لذا فإنّها سيبذل قوة سحب أكبر من نفس الحجم لمادة أقل كثافة كالماء، لذا، تتوزع كتلة الأرض بين معالم مختلفة على سطحه، مثل: سلاسل الجبال، والمحيطات، وخنادق أعماق البحار، وجميعها لها كتل مختلفة -لأنّ توزيع المادة فيها يختلف- مما ينشأ مجال جاذبية غير متساوٍ، وبالتالي، لا تشكل الجيود كرة مثالية، وفي الخرائط المبنية على الجيود، يُظهر مجال الجاذبية الأرضية الانتفاخات والانخفاضات.[٤]


الجاذبية العالمية والنسبية

نظرًا إلى أنّ الطاقة والكتلة متساويتان، فإنّ جميع أشكال الطاقة بما في ذلك الضوء، يقع تحت تأثير الجاذبية، ويتوافق هذا مع النظرية النسبية العامة لأينشتاين (بالإنجليزية: Einstein's General Theory)، والتي تظل أفضل وسيلة لوصف سلوك الجاذبية، وفقًا لهذه النظرية، فإنّ الجاذبية ليست قوة، ولكنها نتيجة لانحناء الزمكان الناجم عن التوزيع غير المتكافئ للكتلة / الطاقة.[٥]


ويُعدّ الثقب الأسود أكثر الأمثلة تطرفًا على هذا الانحناء في الزمكان، بحيث لا يستطيع أيّ شيء الهروب منه، وعادة ما تكون الثقوب السوداء نتاج نجم فائق الكتلة قد تحول إلى مستعر أعظم، تاركًا وراءه بقايا قزم أبيض له كتلة كبيرة، وتتميذز سرعة هروبه بأنّها أكبر من سرعة الضوء، وتؤدي زيادة الجاذبية أيضًا إلى تمدد زمن الجاذبية، إذ يحدث مرور الوقت بشكل أبطأ.[٥]


وبالنسبة إلى معظم التطبيقات، يُمكن تفسير الجاذبية بشكل أفضل من خلال قانون الجاذبية الكونية لنيوتن، والذي ينص على: (الجاذبية موجودة كجاذبية بين جسمين)، ويُمكن حساب قوة هذا الجذب رياضيًا، إذ تتناسب القوة الجاذبة طرديًا مع ناتج كتلها وتتناسب عكسًا مع مربع المسافة بينهما.[٥]



المراجع

  1. ^ أ ب Matt Williams (7/12/2016), "How strong is the force of gravity on Earth?", PHYS.ORG, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت Dave Rothstein (30/1/2016), "Does gravity vary across the surface of the Earth?", Ask an Astronomer, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "A force that shapes our planet", The european space agency, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت Laura Naranjo (27/12/2020), "Matter in Motion: Earth's Changing Gravity", Earth Data , Retrieved 26/6/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت Matt Williams (7/12/2016), "How strong is the force of gravity on Earth?", phys.org, Retrieved 1/7/2021. Edited.