الجاذبية الأرضية

تعرّف الجاذبية (بالإنجليزية: Gravity) بأنّها القوة التي تجذب الجسم نحو مركز الأرض، أو نحو أي جسم مادي آخر له كتلة، أي أنّ كتلة الأرض هي المسبب الرئيس للجاذبية، وهذا يُفسر سبب دوران القمر حول الأرض مثلًا.[١]


تُعدّ قوة الجاذبية إحدى القوى الأساسية الأربعة في الكون، إضافة إلى القوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية القوية، والضعيفة؛ نظرًا إلى أهميتها وشموليتها، فهي تثبّت أقدامنا عند السير على الأرض، وعلى الرغم من هذا تبقى الجاذبية لغزًا للعلماء بشكل كبير.[٢]

تطور نظرية الجاذبية

بدأت مفاهيم الجاذبية الأرضية بتفسيرات وتنبؤات، تطورت لاحقًا لتنتج عنها نظريات وقوانين مستخدمة إلى يومنا هذا حسب المراحل الآتية:


المفاهيم المبكرة

تعددت تفسيرات العلماء القدماء لسبب سقوط الأشياء على الأرض، فقد أنكر الفلاسفة اليونانيون تأثُّر الأجرام السماوية بالجاذبية؛ بسبب اتباعها لمسارات متكررة غير منتظمة؛ فقد اعتبر الفيلسوف اليوناني أرسطو (بالإنجليزية: Aristotle) أنّ كل جسم سماوي يتبع حركة طبيعية معينة، غير متأثرة بأسباب أو عوامل خارجية، وأكدّ أنّ الأجسام لها ميل طبيعي للتحرك نحو مركز الكون الأرض.[٢]


سادت تلك المفاهيم الأرسطية لعدة قرون مع مفهومين آخرين، وهما: أنّ الجسم الذي يتحرك بسرعة ثابتة يتطلب قوة مستمرة تعمل عليه، وأنّه يجب تطبيق هذه القوة عن طريق الاتصال المباشر بدلًا من التفاعل عن بعد.[٢]


علماء الفلك في القرن السابع عشر

أمّا العالم البولندي نيكولا كوبرنيكوس (بالإنجليزية: Nicolaus Copernicus) فاعتقد أنّ الكواكب تدور حول الشمس، وليس الأرض، وقد برهن ذلك باستخدام القياسات المحسّنة لحركات الكواكب التي أجراها عالم الفلك الدنماركي تيخو براهي (بالإنجليزية: Tycho Brahe) خلال القرن السادس عشر.[٢]


وقد وافق عالم الفلك الألماني يوهانس كبلر (بالألمانية: Johannes Kepler) في القرن السابع عشر مع ما قاله نيكولاس كوبرنيكوس (بالإنجليزية: Nicolaus Copernicus)، وصف كبلر (بالألمانية: Kepler) مدارات الكواكب بعلاقات هندسية وحسابية بسيطة، عندها وضع قوانين كبلر (بالألمانية: Kepler) الثلاثة لحركة الكواكب وهي:[٣]

  • يتحرك كل كوكب من كواكب النظام الشمسي حول الشمس في مدار إهليلجي، بحيث تقع الشمس في إحدى بؤرتيه.
  • يقطع الخط الواصل بين الكوكب والشمس مناطق متساوية في أوقات متساوية.
  • يتناسب مربع دوران كوكب ما حول الشمس تناسبًا طرديًا مع مكعب متوسط ​​المسافة بينه وبين الشمس.


العالم جاليليو جاليلي

خلال ظهور هذه النظريات والقوانين أحرز عالم الفلك والفيلسوف الإيطالي جاليليو جاليلي (بالإنجليزية: Galileo Galilei) تقدمًا في فهم الحركة الطبيعية والمتسارعة البسيطة للأجسام الأرضية، فقد أدرك أنّ الأجسام التي لا تتأثر بالقوى تستمر في التحرك إلى أجل غير مسمى، وأنّ هذه القوة ضرورية لتغيير الحركة، وليس للحفاظ على الحركة المستمرة.[٣]


وعند دراسته لكيفية سقوط الأجسام نحو الأرض، اكتشف جاليليو أنّ الحركة لها تسارع ثابت، وأنّ هذا التسارع الناتج عن الجاذبية على سطح الأرض يبلغ حوالي 9.8 م/ثانية، وأظهر أنّ المسافة التي يقطعها الجسم الساقط من السكون بهذه الطريقة تختلف باختلاف مربع الوقت، وكان جاليليو أول من أظهر بالتجربة أنّ الأجسام تسقط بنفس التسارع مهما كان تركيبها (مبدأ التكافؤ الضعيف).[٣]


العالم إسحاق نيوتن

وبعد ذلك جاء نيوتن ليؤكد أنّ كل جسيم من المادة الأقل يجذب كل جسيم آخر جاذبيًا، وأنّ جاذبية أيّ جسم على مسافة كبيرة بما فيه الكفاية تساوي جاذبية الكتلة الكاملة في مركز الكتلة، ويُمكن ربط هذه الفكرة بين تسارعين، تسارع القمر، وتسارع جسم يسقط بحرية على الأرض يربط بينهما قوة مشتركة، وأثبت أنّه إذا تضاعفت المسافة بين الأجسام، تنخفض القوة المفروضة عليهم إلى الربع، كما رأى نيوتن أنّ قوة الجاذبية بين الأجسام يجب أن تعتمد على كتلها (تناسب قوة الجاذبية مع الكتلة تناسبًا طرديًا)، وقد وضع عدة قوانين ومعادلات لحساب الجاذبية الأرضية.[٣]


العالم ألبرت آينشتاين

يُعدّ ما قام به إسحاق نيوتن وألبرت أينشتاين (بالألمانية: Albert Einstein) العمل المهيمن على تطوير نظرية الجاذبية، إذ ظلت نظرية نيوتن الكلاسيكية عن قوة الجاذبية سائدة منذ كتابه الأصول (Principia) الذي نُشر عام 1687م، حتى قام أينشتاين (بالألمانية: Einstein) في أوائل القرن العشرين بوضع نظرية النسبية العامة (بالإنجليزية: General Relativity) التي تتنبأ بالاختلافات الكمية الدقيقة من نظرية نيوتن فقط باستثناء بعض الحالات الخاصة القليلة، وهذا يعني أنّ نظرية نيوتن كافية حتى اليوم لجميع التطبيقات باستثناء التطبيقات الأكثر دقة.[٣]


وفي وقتنا الحالي أدّى إطلاق المركبات الفضائية وتطوراتها البحثية إلى تحسينات كبيرة في قياسات الجاذبية حول الأرض، والكواكب الأخرى، والقمر، وفي التجارب على طبيعة الجاذبية.[٣]


الجاذبية في مركز الأرض

تبلغ قيمة قوة الجاذبية في مركز الأرض صفرًا؛ لأنّ جميع القوى الموجودة في مركز الأرض تلغي بعضها البعض، إذ تلغي القوة الناتجة عن النصف العلوي من الأرض والقوة الناتجة عن النصف السفلي من الأرض بعضهما البعض، إذ إنّ القوة الناتجة عن أيّ جزء من الأجزاء يتمّ إلغاؤها بسبب الجزء المقابل من الأرض، وهذا يفسر قيمتها التي تبلغ صفرًا.[٤]


أهمية الجاذبية على الأرض

لا يُمكن العيش على الأرض دون الجاذبية، فهي مهمة جدًا بالنسبة للبشر، إذ تُبقى جاذبية الشمس الأرض في مدار حولها، وتبقى الأرض على مسافة مريحة للاستمتاع بضوء الشمس ودفئها، كما أنّها تحافظ على الغلاف الجوي والهواء الذي نحتاجه للتنفس، تختلف الجاذبية من مكان لآخر على الأرض، حيث تكون الجاذبية أقوى قليلاً في الأماكن ذات الكتلة الموجودة تحت الأرض أكثر من الأماكن ذات الكتلة الأقل، وتستخدم وكالة الفضاء ناسا مركبتين فضائيتين لقياس هذه الاختلافات في جاذبية الأرض.[٥]


العوامل المؤثرة على الجاذبية

إنّ الجاذبية الأرضية ليست متساوية في جميع الأماكن على الأرض، لعد أسباب، وهي:[٦]

  • الجاذبية في الأماكن ذات الكتلة الموجودة تحت الأرض تكون أقوى قليلًا من الأماكن ذات الكتلة الأقل.
  • اعتمادها على المكان الذي يقف فيه الشخص، ويرجع السبب في ذلك إلى أنّ الأرض تدور، بحيث تكون جاذبية الأرض على خط الاستواء تساوي 9.789 م/ث2، أمّا عند القطب الشمالي والقطب الجنوبي فتبلغ قيمة الجاذبية الأرضية 9.832 م/ث2.
  • القوة المركزية للجاذبية الأرضية أكبر منها عند خط الاستواء، فإنّ وزن الشخص عن القطبين يكون أكبر بقليل.


المراجع

  1. "What if there is no gravity on earth?", BYJU'S, Retrieved 23/6/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث Adam Mann (13/5/2020), "Live Science", What is gravity?, Retrieved 23/6/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح Alan H. Cook (12/11/2020), "Gravity", Britannica, Retrieved 23/6/2021. Edited.
  4. "Why Is Gravity At Center Of Earth Zero?", BYJU'S, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  5. "What Is Gravity?", Nasa Science, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  6. "Earth’s Gravity", universe today, Retrieved 18/6/2021. Edited.