عصر الكامبري

عصر الكامبري (بالإنجليزية: Cambrian Period) من أقدم العصور التي تنتمي إلى حقبة الباليوزويك (بالإنجليزية: Paleozoic Era)، ويمتد عصر الكامبري من 541-485.5 مليون عام مضت، وينقسم إلى 4 سلاسل زمنية، وتمّ إطلاق اسم كامبري لأول مرة على هذه الفترة من قِبل العالم الجيولوجي الإنجليزي آدم سيدجويك (Adam Sedgwick)، الذي اكتشف صخور رسوبية تحتوي على أقدم سجل أحفوري لأشكال الحياة الوفيرة والمتنوعة شمال ويلز، وجنوب غرب إنجلترا عام 1835م، والاسم كامبري (Cambria) مشتق من الاسم الروماني لويلز،[١] وقد أنتجت هذه الفترة انفجارًا عظيمًا غيَّر مجرى الحياة على الأرض، والذي عُرِف بانفجار الكامبري (بالإنجليزية: Cambrian Explosion)، شهد انفجار كامبري ظهور أشكال حياة متنوعة ومختلفة على الأرض، من بينها العديد من أنواع الحيوانات التي لا تزال تعيش حتى يومنا هذا، من بينها مجموعة الحبليات (بالإنجليزية: Chordates) التي تنتمي لمجموعة الفقاريات التي ينتمي إليها الإنسان.[٢]


إنّ سبب ظهور عصر الكامبري غير واضح، ولكن قد يعود السبب إلى ظهور وانبعاث الأكسجين في الغلاف الجوي من خلال عملية البناء الضوئي والانبعاثات الناتجة عن البكتيريا الخضراء المزرقّة والطحالب، التي عملت على توفير التغذية اللازمة لنمو هياكل الجسم المعقدة وطرق الحياة الأخرى، كما أدّى ارتفاع درجة حرارة المناخ وارتفاع مستويات سطح البحر إلى إغراق المناطق المنخفضة من اليابسة لتتشكل موائل ضحلة مناسبة لتكاثر أشكال حياة جديدة.[٢]


انفجار الكامبري

شَهِدَ عصر الكامبري انفجارًا هائلًا للحياة على كوكب الأرض، فقد شَهِدَ ظهورًا لا مثيل له للكائنات الحية منذ 541 مليون عام إلى ما يقارب 530 مليون عام مضت من بداية العصر الكامبري، وتميّز هذا الحدَث بظهور شُعَب رئيسية جديدة ومتعددة من الحيوانات يتراوح عددها بين 20-35 شعبة، والتي شكلت الحياة الحيوانية الحديثة، وقد تطور العديد من هذه الشعب وبقي حتى يومنا هذا، من بينها فصيلة الحبليات والتي تنتمي إلى مجموعة الفقاريات، ومنها ما انقرض خلال 50-100 مليون عام التالية كالشعب التي تتضمن مفصليات الأرجل والإسفنج، وكانت من أكثر أنواع الكائنات الحية السائدة خلال ذلك العصر.[٣]


درس العلماء ولفترات طويلة كيفية حدوث انفجار الكامبري المفاجئ خلال العصر الكامبري، وقد دلت الأحافير على تطور الكائنات الحية من كائنات ذات خلية واحدة بسيطة إلى كائنات ذات خلايا متعددة، وقد أشارت الأبحاث والدراسات إلى أنّ الانفجار المفاجئ لأشكال الحياة لم يكن مفاجئًا، وأنّه من المحتمل أنّ معظم أشكال الحياة التي تطورت كانت في طريقها إلى التطور قبل العصر الكامبري، وقد أثبتت الدراسات العديدة والتي أجريت على الأدلة الأحفورية والتركيب الجزيئي للعديد من الكائنات الحية أنّها كانت موجودة قبل فترات من العصر الكامبري، مما يشير إلى مسيرة تطور بطيئة جدًا قد تصل إلى 200 مليون سنة قبل أن يصبح التطور واضحًا، ولم تظهر هذه الكائنات إلّا عندما توفرت البيئة المناسبة والناضجة لظهورها، فمع ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية خلال ذلك العصر، زادت نسبة استهلاك ثاني أكسدي الكربون الموجود في المحيطات والبحار، وبالتالي تحوُّله إلى أكسجين بعد موت تتلك الكائنات، ومع تطور العديد من الكائنات الحية غيّرت الظروف البيئية، ما سمح إلى انفجار أنواع عديدة، وجديدة من الكائنات الحية.[٤]


الكائنات الحية في عصر الكامبري

تميّزت بداية هذه الفترة بتطور أجزاء الجسم الصلبة، مثل أصداف كربونات الكالسيوم، والتي يُمكن الاحتفاظ بها على شكل أحافير بسهولة أكبر من الأنسجة الرخوة، الأمر الذي جعل السجل الأحفوري أكثر اكتمالًا بعد ظهورها، كما طورت أنواع أخرى من الحيوانات أصداف من نوع آخر خاصة بها، وذلك خلال نفس الفترة اخترقت رواسب قاع البحار، وتطور الشعاب الكربونية الأولى، ويُعدّ السبب المؤدي إلى ذلك موضع جدال، لكن من المرجع أنّ ذلك حدث بسبب زيادة نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي مما أدّى إلى زيادة عملية البناء الضوئي، والتي زادت بدورها من إنتاج الكولاجين -وهو البروتين الضروري واللبنة الأساسية لبناء البروتين الذي هو أساس تكوّن الأصداف.[٣]


المناخ في عصر الكامبري

حدث العديد من التغيّرات المناخية خلال فترة عصر الكامبري، ففي بداية العصر كان المناخ باردًا، ولكن مع مرور الوقت أصبح المناخ أكثرَ دفئًا، الأمر الذي جعل البحار مكانًا لعيش العديد من الكائنات الحية، كما أنّ القارات كانت لا تزال تتشكل، كانت عبارة عن صخور قاحلة وكانت تُسمّى رودينيا (بالإنجليزية: Rodinia)، ولم يكن هناك أيّ مظهر من مظاهر الحياة على سطح الأرض،[٥] وهناك العديد من الدلائل التكتونية التي تشير إلى أنّ القارة العملاقة رودينا قد انفصلت في أواخر عصر البروتيروزويك، ومع بداية العصر الكامبري إلى منتصفه، وتشكلت هناك قارتان، هما:[٦]

  • قارة غندوانا العملاقة: (بالإنجليزية: Gondwana) وتشكلت بالقرب من القطب الجنوبي، والتي شكلت فيما بعد جزءًا من مساحة اليابسة في كل من: إفريقيا الحديثة، وأستراليا، وأمريكا الجنوبية، والقارة القطبية الجنوبية، وأجزاء من قارة آسيا.
  • قارة لورينشا: (بالإنجليزية: Laurentia) تشكلت بالقرب من خط الاستواء، والتي شكلت جزءًا من أمريكا الشمالية وأوروبا.


الصخور في عصر الكامبري

تتميز صخور العصر الكامبري بالترتيب الآتي: القاعدة مكونة من صخور الكونغلوميرات أو ما يُسمّى بالرصيص (بالإنجليزية: Conglomerate)، والفتات البركاني، يتبعه طبقات من الحجر الرملي أحمر اللون خشن الحبات ذي المنشأ القاري ممزوجًا بالصخر الزيتي والحجر الجيري، يليه طبقات من الحجر الرملي القادم من الدلتا أو الأنهار، يليه طبقات من الحجر الرملي الغني بالكوارتزيت ذي اللون الوردي.[٧]


الأهمية الاقتصادية لعصر الكامبري

تُعدّ صخور الكامبري ذات أهمية واسعة؛ فهي توفر مجموعة متنوعة من الموارد، فقد تمّ استخدام صخور الكربونات من العصر الكامبري كأحجار بناء، ولصنع الجير، وصناعة الأسمنت البورتلاندي، وقد تشكلت خامات الرصاص، والزنك، والفضة، عندما حلت هذه المعادن محل ترسبات الكربونات في هذا العصر، كما تُعدّ رواسب الفوسفريت في عصر الكامبري المتأخر من المصادر الرئيسة للأسمدة الزراعية في شمال أستراليا، وجنوب غرب الصين، وجنوب كازاخستان، بالإضافة إلى أنّ هناك أهمية اقتصادية لصخور عصر الكامبري في الصين؛ بفضل احتوائه على الزئبق، واليورانيوم، والملح، كما يوجد في شرق روسيا رواسب ملح من عصر الكامبري، ويحتوي على خام البوكسيت الذي يتمّ تصنيع معد الألومنيوم منه، وتنتج حقول النفط في جنوب سيبيريا النفط من صخور الكامبري القديمة.[٨]


انقراض الكائنات الحية في عصر الكامبري

حدث العديد من الانقراضات الصغيرة والمتفرقة خلال عصر الكامبري خاصة عندما أصبحت درجات الحرارة مرتفعة، مما زاد من ارتفاع مستوى سطح البحر، فغمرت الفيضانات مساحات واسعة من اليابسة، مما أدى إلى انقراض العديد من الكائنات الحية، وازدهار كائنات حية أخرى، مثل اللافقاريات البحرية، بالإضافة إلى الانقراض الجماعي الذي حدث منذ حوالي 500 مليون عام؛ نتيجة للانخفاض الكبير في درجة الحرارة، ونقصان نسبة الأكسجين في الموائل البحرية الذي أدى إلى تكوّن عصر جليدي على الكرة الأرضية والذي أدّى إلى القضاء على العديد من الكائنات الحية، وبسبب الأحداث الجليدية فقد انخفض مستوى سطح البحر مما جعل من المستحيل على الكائنات العيش فيه.[٩][١٠]


المراجع

  1. "Cambrian Period", britannica, Retrieved 27/5/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "Cambrian Period", nationalgeographic, Retrieved 27/5/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Cambrian explosion", britannica, Retrieved 27/5/2021. Edited.
  4. Bob Yirka (29/11/2011), "Research team finds new explanation for Cambrian explosion", phys, Retrieved 27/5/2021. Edited.
  5. "The Cambrian Period", fossils-facts-and-finds, Retrieved 27/5/2021. Edited.
  6. Mary Bagley, "Climate of the Cambrian Period", livescience, Retrieved 27/5/2021. Edited.
  7. "Cambrian Rock", sciencedirect, Retrieved 2/6/2021. Edited.
  8. "Economic significance of Cambrian deposits", britannica, Retrieved 28/5/2021. Edited.
  9. "Extinction Events", personal.denison, Retrieved 28/5/2021. Edited.
  10. "The Cambrian Period", berkeley, Retrieved 2/6/2021. Edited.