العصر الكربوني
يُعرّف العصر الكربوني أو الفحمي (بالإنجليزية: Carboniferous Period) بأنّه الفترة الخامسة من حقبة الحياة القديمة (بالإنجليزية: Paleozoic Era)، ويأتي بعد العصر الديفوني (بالإنجليزية: Devonian Period) وقبل العصر البرمي (بالإنجليزية: Permian Period).[١]
ولقد امتد العصر الكربوني بين 358.9 مليون إلى 298.9 مليون عام، أي أنّ مدة هذا العصر 60 مليون عام تقريبًا، وهذا يجعلها أطول فترة من فترات حقبة الحياة القديمة، وثاني أطول فترة من دهر الحياة الظاهرة أو دهر البشائر (بالإنجليزية: Phanerozoic Eon).[١]
سبب تسمية العصر الكربوني بهذا الاسم
يعود أصل التسمية إلى إنجلترا، إذ يشير مصطلح (الكربوني) إلى رواسب الفحم الغنية التي ترسبت هناك، كما توجد رواسب الفخم في جميع أنحاء شمال أوروبا، وآسيا، وغرب وسط وشرق أمريكا الشمالية، فأُطلق مسمى الكربوني في جميع أنحاء العالم لوصف هذه الفترة، إذ امتازت بوجود ظروف مثالية لتكوين الفحم.[٢]
عصر الفحم
يُسمى العصر الكربوني بعصر الفحم (بالإنجليزية: The Coal Age)، إذ تمّ إنتاج الفحم الكربوني عن طريق الأشجار المثمرة التي تمتلك لحاءً، والتي نمت في غابات المستنقعات المنخفضة الشاسعة، كما اشتمل الغطاء النباتي في ذلك الوقت أيضًا على نباتات أرجل الذئببيات العملاقة أو ما يُسمّى الحزازيات الذئبية (بالإنجليزية: Giant Club Mosses)، والسراخس الأشجار، والكنباث السبخي (بالإنجليزية: Great Horsetails)، والأشجار الشاهقة التي تمتلك أوراقًا على شكل حزام، وعلى مدى ملايين السنين، شكلت الرواسب العضوية لحطام هذه النباتات أول رواسب الفحم الواسعة في العالم، والذي ما يزال البشر يحرقونه حتى اليوم.[٣]
أدّى نمو هذه الغابات إلى التخلص من كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، مما أدّى إلى حدوث فائض في نسبة الأكسجين، وقد بلغت ذروة مستوياته في ذروتها حوالي 35%، مقارنة بنسبة 21% عما هي عليه اليوم، وهو ما يُفسر ظهور بعض الزواحف العملاقة، إذ يُعتقد أنّ الحجم الذي وصلت إليه الحشرات والمخلوقات المماثلة محدود بكمية الهواء التي يُمكن أن تتنفسها.[٣]
وتشير النظريات إلى أنّ أجنحة الحشرات ربما تكون قد تطورت من هياكل مُستخدَمة لتنظيم درجة الحرارة (مثل التقاط أشعة الشمس لتسخينها)، أو ربما تطورت من إشارات ذات ألوان زاهية كانت تستخدِمها لجذب زملائها ودرء المنافسين، وهناك من يعتقد أن أجنحة الحشرات تطورت من الزوائد المُستخدَمة في الانزلاق بين الأشجار في الغابات الكربونية.[٣]
تقسيمات العصر الكربوني الفرعية
يقع العصر الكربوني بين عصرين، إذ سبقه العصر الديفوني، وتلاه العصر البرمي، وتظهر تقسيمات هذا العصر من الأحدث إلى الأقدم حسب الجدول الآتي:[١]
العصر | الفترة | المرحلة | مليون سنة مضت | |
الكربوني | البنسلفاني (Pennsylvanian) | المتأخر | الغزيلي (Gzhelian) | 303.7 ± 0.1 |
الكاسيموفي (Kasimovian) | 307.0 ± 0.1 | |||
الأوسط | الموسكوفي (Moscovian) | 315.2 ± 0.2 | ||
المبكر | الباشكري (Bashkirian) | 323.2 ± 0.4 | ||
المسيسيبي (Mississippian) | المتأخر | السربوخوفي (Serpukhovian) | 330.9 ± 0.2 | |
الأوسط | الفيسان (Visean) | 346.7 ± 0.4 | ||
المبكر | التورنايسي (Tournaisian) | 358.9 ± 0.4 |
فترات العصر الكربوني
يُذكر أنّ الولايات المتحدة هي من قامت بفصل هذا العصر إلى فترتين نتيجة اختلاف طبقات الأرض في القارات المختلفة، وهما:[٢]
- المسيسيبية (الكربونية المبكرة): وتشير إلى الطبقات الحاملة للحجر الجيري في المسيسيبي.
- البنسلفانية (أواخر الكربونية): تشير إلى الطبقات الحاملة للفحم في ولاية بنسلفانيا.
واختلفت بيئة كل من المسيسيبي وبنسلفانيا، فقد كانت بيئة المسيسيبي في أمريكا الشمالية بحرية شديدة، وتغطي البحار أجزاء من القارة، ونتيجة لذلك، فإنّ معظم صخور المسيسيبي عبارة عن حجر جيري، وتتكون من بقايا زنابق البحر (بالإنجليزية: Crinoids)، أو طحالب خضراء مغطاة بالجير، أو كربونات الكالسيوم التي شكلتها الأمواج.[٢]
أمّا بيئة بنسلفانيا في أمريكا الشمالية، فقد كانت برية في مواسم وبحرية في مواسم أخرى، مع تجاوز وانحدار البحار بسبب التجلد، وسمحت هذه الظروف البيئية، مع الكم الهائل من المواد النباتية التي توفرها غابات الفحم الواسعة بتكوين الفحم؛ لأنّ تراكم الضغط والحرارة على مدى ملايين السنين أدّى إلى تحويل المادة النباتية إلى فحم، ولم تتحلل المواد النباتية حتى عندما غمرتها مياه البحار.[٢]
تطور الحياة في العصر الكربوني
تطورت الحياة في العصر الكربوني من عدة نواح منها:
جيولوجية الكرة الأرضية
من الناحية الجيولوجية، أدى الاصطدام الكربوني المتأخر بين لوراسيا (بالإنجليزية: Laurasia) وهي الأجزاء الشمالية من الكرة الأرضية (أوروبا، وآسيا، وأمريكا الشمالية الحالية) وغندوانا (بالإنجليزية: Gondwana) وهي الأجزاء الجنوبية من الكرة الأرضية (إفريقيا الحالية، وأمريكا الجنوبية، والقارة القطبية الجنوبية، وأستراليا، والهند) إلى إنتاج حزام جبال الأبلاش (بالإنجليزية: Appalachian Mountain) في شرق أمريكا الشمالية وجبال هرسينيان (بالإنجليزية: Hercynian) في المملكة المتحدة، كما أدّى تصادم آخر بين سيبيريا وأوروبا الشرقية إلى إنشاء جبال الأورال في روسيا.[٢]
المناخ
بدأ العصر الكربوني بمناخ استوائي رطب، وسادت درجات الحرارة المعتدلة خلال هذا العصر، ومن الممكن أن يكون هذا التوحيد في المناخ نتيجة الامتداد الكبير للمحيط الذي غطى كامل سطح الكرة الأرضية.[٢]
الحيوانات
شهد هذا العصر تطورًا في البرمائيات، فقد نمت البرمائيات من حيث الحجم والتنوع، وكان هناك أنواع مفترسة تشبه التماسيح الحديثة، وتمتلك أسنانًا قوية، واقتربت أطوالهم إلى نحو 6 أمتار، وقد طورت بعض البرمائيات جلدًا سميكًا ومتقشرًا، مما جعلها تتخلص من مشكلة جفافها إذا ابتعدت عن الماء لفترة طويلة.[٣]
كما قللوا من اعتمادهم على موائل الأراضي الرطبة من خلال التكيف التطوري المعروف باسم بيضة السلويات (بالإنجليزية: Amniote Egg)، وهي تحمي الجنين في الداخل بغشاء يحتفظ بالسوائل، بينما لا يزال يسمح بدخول الهواء، وقد ظهرت الزواحف الأولى في هذا العصر، وتمّ التعرف عليها من البقايا الموجودة داخل جذوع الأشجار الكربونية المتحجرة، وكانت حيوانات صغيرة تشبه السحلية.[٣]
في فترة المسيسيبي، سيطرت زنابق البحر على بحار الحجر الجيري، وبدأت الزواحف في الظهور مع نباتات السرخس، بينما ازدهرت غابات مستنقعات الفحم خلال فترة بنسلفانيا وعاش اليعسوب الذي يبلغ طول جناحه 74 سم تقريبًا.[٤]
وكانت النباتات الموجودة تشبه تلك التي تعيش في المناطق الاستوائية والمعتدلة اليوم، أمّا الحيوانات البحرية فقد وجدت الكائنات الحية التي تتغذى بالترشيح مثل: الحيوانات الحزازية، أو خارجيات الشرج، أو الحيوانات المتجمعة (بالإنجليزية: Bryozoans) بشكل وفير جدًا في هذه البيئة، وهيمنت عضديات الأرجل أو ذراعيات الأرجل (بالإنجليزية: Brachiopods) على منطقة قاع البحر.[٢]
أمّا مفصليات ثلاثية الفصوص (بالإنجليزية: Trilobites) فقد كان وجودها يقل بشكل مطرد، وأصبحت نادرة مقارنة بوفرة وجود المنخربات (بالإنجليزية: Foraminifers)، كما انقرضت الأسماك المدرعة بشكل ملحوظ من العصر الديفوني، وظهرت مكانها أسماك أكثر حداثة.[٢]
في نهاية العصر الكربوني، بدأت كتل اليابسة تتحرك نحو شبه قارة عالمية واحدة تُسمى بانجيا (بالإنجليزية: Pangaea).[٣]
المراجع
- ^ أ ب ت Walter L. Manger (21/3/2020), "Carboniferous Period", Britannica, Retrieved 6/7/2021. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د "Carboniferous Period", University of California, Berkeley, Retrieved 6/7/2021. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح "Carboniferous Period", National Geographic, Retrieved 6/7/2021. Edited.
- ↑ "Life Through Time - Visual Timeline", Humboldt State University, Retrieved 6/7/2021. Edited.